الكلمة الإفتتاحية لرئيس المجلس السيد عمر عزيمان
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
حضرة السيد مستشار صاحب الجلالة
حضرات السادة الوزراء
حضرات السيدات والسادة
تعرضت بلادنا ليلة 16 ماي 2003، كما هو معروف، لهجمات إرهابية دموية وشنيعة أودت بحياة العشرات من الأبرياء في مدينة الدار البيضاء.
وقد ووجهت تلك الهجمات من طرف جميع فئات الشعب المغربي، بمختلف تنظيماته السياسية والمدنية والثقافية، بالاندهاش والاستنكار والإدانة، مثلما تجندت كافة الشرائح الإجتماعية ضد تلك الأعمال الوحشية معبرة عن روح التضامن التلقائي الذي استشعره الجميع في مواجهة الأخطار المحدقة بنا، وفي مقدمتها خطر الإرهاب الذي يرمي إلى الإجهاز على جميع مكتسباتنا الديموقراطية وقيم التفتح وعملنا المتواصل في سبيل إقرار ثقافة التسامح المثري والإخاء البناء.
حضرات السيدات والسادة،
يأتي اجتماعنا هذا، بعد استئذان جلالة الملك محمد السادس نصره الله، ومن خلال هذه الدورة الطارئة، كتعبير جماعي عن وعينا بالدور الذي يتعين على المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان أن يقوم به في مجال حماية حقوق الإنسان والوقاية من جميع الأخطار التي قد تتهددها، وتمتين آليات النهوض بثقافة حقوق الإنسان، دعما للتطور الذي تنتهجه بلادنا وصونا لجميع المكتسبات التي حققتها.
ولا يسع المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، أمام هول الإرهاب الأعمى الذي أصابنا وزرع الرعب في بلدنا الآمن المتشبث عبر تاريخه بالسلم الاجتماعي والتسامح والتعايش، إلا أن يعبر عن مواساته لألم ومعاناة الضحايا الأبرياء والأسر الميتمة والمواطنين الحزانى، معبرا لهم عن دعمه الكامل وتضامنه التام.
وفي هذه الظروف العصيبة، يرفع المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، صادق التعازي وأحرها لصاحب الجلالة الملك محمد السادس الممثل الأسمى للأمة، مشفوعة بالإكبار لروحه السامية ومكرماته الإنسانية ونبل مواقفه الكريمة. كما يحيي، بكل إعجاب، شجاعة وتصميم سكان الدار البيضاء وتجند المواطنين والمجتمع المدني والسياسي، مثلما يشيد بحزم وثبات وهمة السلطات العمومية والتضامن الفعال للدول الصديقة والشقيقة.
ولا يمكن للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، أمام موجة العنف والكراهية التي أصابت البلاد، إلا أن يدين، بكل قوة وحزم، الأعمال الإرهابية الشنيعة والمجزرة البشعة التي لا يمكن تبريرها تحت أي ظرف كان، ولا تفسيرها بأي تفسير ممكن. لأن هذه الجرائم المُنْكَرَة، بحكم طبيعتها العمياء وعنفها الدموي الرهيب، تؤكد، مرة أخرى، بأن الإرهاب يعتبر على النقيض من الحضارة والثقافة والتقدم، وأنه يمثل العدو الأكبر لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وأنه يهدف إلى القضاء المبرم على الحق في الحياة والسلامة البدنية، والحق في الأمن والسلم الاجتماعي، والحق في العيش في مأمن من الخوف والرعب، كما يتوخى السحق التام لجميع الحقوق والحريات المرتبطة بالتطور السوسيواقتصادي والثقافي وتعميق الديموقراطية وتشييد دولة القانون.
حضرات السيدات والسادة،
وبما أن الإرهاب يمثل، بداهة، تهديدا لقيمنا الروحية والثقافية والحضارية، وتهديدا لتعلقنا بالانفتاح والحوار بين الثقافات، وتهديدا لالتزامنا الثابت بالديموقراطية وحقوق الإنسان، فإننا مدعوون، من خلال هذا المجلس وبالنظر إلى اختصاصاته ومهامه، بالعمل الجاد على تحليل ظاهرة الإرهاب من منظور حقوق الإنسان، والعمل على دمج هذه الإشكالية في برامج عمل المجلس وانشغالاته، مساهمة منا في دعم وتقوية وتعميق الحقوق الديموقراطية المكتسبة.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
رئيس المجلس
عمر عزيمان