المذكرة المرفوعة إلى صاحب الجلالة
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المخلوقين وعلى آله وصحبه أجمعين
مولاي صاحب الجلالة والمهابة،
ببالغ الإجلال والإكبار، ومنتهى الاعتزاز والافتخار، يتشرف الخدام الأوفياء رئيس وأعضاء المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، بان يرفعوا إلى المقام العالي بالله، المصون بألطافه الخفية، والمحفوف بعنايته السرمدية، وهم ينهون أشغال اجتماعهم الرابع عشر بتاريخ فاتح رمضان الأبرك 1420 الهجرية الموافق 10 دجنبر 1999 ميلادية، أتم فروض الطاعة والولاء وأوثق عرى المحبة والوفاء، والتشبث المتين بأهداب العرش العلوي المجيد، وبشخص عاهلنا الكريم.
وإنه لمن بشائر الخير واليمن يا مولاي، أن ينعقد جمع المجلس احتفاء بالذكرى الواحدة والخمسين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. والمملكة المغربية تستقبل في جو من الإيمان والتقوى شهر الصيام، بما يرمز إليه من تضحية وتآزر وتضامن، سائلين الله بهذه المناسبة الكريمة أن يحفكم بعنايته الدائمة، ويقويكم بإرادته الشاملة، ويجعل التوفيق حليف أعمالكم، والسؤدد مآل كل مجهوداتكم.
ففي هذا الجو، تدارس خدامكم الأوفياء أعضاء المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بكامل الوعي والمسؤولية، وتقدير عميق لمعنى ومغزى الأمانة التي طوقتم بها عنقهم المواضيع المدرجة في جدول أعمال دورتهم؛ وإنهم ليفخرون يا مولاي، بما أتمرنه مبادراتكم الرائدة، وقراراتكم الطلائعية في ترسيخ وتحديث المؤسسات، وتطوير المفاهيم والتصورات، ودعما لدولة الحق والقانون؛ وبما أجادت به توجيهاتكم السامية وقراراتكم الحكيمة من دعم لحقوق الإنسان، من بينها إحداث إلى جانب المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان هيئة مستقلة للتحكيم تعمل على تعويض أضرار الاختفاء والاعتقال التعسفي، والمساهمة بذلك في جبر ما يمكن جبره لصالح العائلات والأفراد، خدمة لرعاياكم الأوفياء، واستحضارا لروح والدكم المنعم جلالة الملك الحسن الثاني قدس الله روحه، الذي أمر بانطلاق عملية استكمال دولة الحق والقانون بطي ملف حقوق الإنسان، في إطار من الشفافية والموضوعية، وبكل أبعاده الإنسانية، بصون الكرامة، وحماية الحقوق، ضمن أسس التضامن التي لا غنى عنها لحفظ الصالح العام.
وفي هذا الشأن، يعتز أعضاء المجلس يا مولاي، بأن يحيطوا الجناب الشريف، بما توصلت إليه هيئة التحكيم المستقلة من تقدم في تدقيق وتصنيف الحالات، وانجاز الإجراءات والتحقيقات، والاستماع إلى الأفراد والعائلات، كل ذلك وفق ما تقضي به أسمي المبادئ والقواعد في مجال العدل والإنصاف.
كما استعرض أعضاء المجلس يا مولاي، ما قام به المجلس من منجزات ما بين الذكرى الخمسين والذكرى الواحدة والخمسين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تجسيدا لرسالة المجلس النبيلة في تنمية وتطوير حقوق الإنسان، ضمن النهضة الشاملة لمملكتكم السعيدة في هذا الميدان.
ولقد حرص المجلس يا مولاي، أن يختتم الذكرى الخمسينية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بنشر وثيقة تتضمن دراسة شاملة لمدى التطابق والملاءمة بين الإعلان العالمي وبين مقتضيات النظام القانوني بمملكتكم المزدهرة، التي تعمل جادة على تحصين الديمقراطية، واستكمال دولة الحق والقانون.
والله نسأل ببداية هذا الشهر المبارك، وقدسية أيامه المسكية، أن ينزل شآبيب رحمته على فقيد العروبة والإسلام والدكم المنعم، جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه؛ وأن يديم على جلالتكم نعمة الصحة والعافية، ويحفكم بعنايته الدائمة، ويجعل السؤدد رفيق كل خطواتكم، والتوفيق حليفكم في كل حركاتكم وسكناتكم، ويقر عينكم بشقيقكم صاحب السمو الملكي الأمير المولى الرشيد، وسائر أفراد أسرتكم الشريفة.
إنه سميع مجيب، والسلام على المقام العالي بالله ورحمته تعالى وبركاته.
وحرر بالرباط في يوم الجمعة فاتح رمضان 1420هـ الموافق 10 دجنبر 1999م
الخديم الـوفـي
رئيس المجلس
إدريس الضحاك