المذكرة المرفوعة إلى صاحب الجلالة
بسم الله الرحمن الرحيم
نعم سيدي أعزك الله
يتشرف أعضاء المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بأن يرفعوا إلى السدة العالية بالله أن المجلس عقد اجتماعه الخامس يوم الجمعة 23 جمادى الآخرة 1413هـ (18دجنبر 1992م) تنفيذا للأمر السامي واستنادا إلى المادة الخامسة من الظهير الشريف رقم 12. 90. 1 الصادر في 24 رمضان 1410هـ (20 أبريل 1990م) المتعلق بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان.
قرر أعضاء المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في بداية الاجتماع رفع آيات الإكبار والإجلال، والشكر والامتنان لمولانا الإمام على تفضله بتجديد ثقته الغالية فيهم لفترة ثانية، مؤكدين تعبئتهم الدائمة للعمل المتواصل في جميع المجالات، والمعارك والمسيرات، وفق التوجيهات السامية للسدة العالية باللـه.
لقد درس المجلس تقرير الأمانة العامة بشأن الخطوات التنفيذية المتعلقة بأنشطة المجلس دراسة مستفيضة فاستقر الرأي على احاطة الجناب العالي بالله علما بما يـلـي.
أثبتت مجموعة العمل المكلفة بدراسة الوضعية الخطيرة لحقوق الإنسان بمخيمات تيندوف في مختلف اتصالاتها، سواء مع الحكومات، أوالهيئات البرلمانية، أو المؤسسات الوطنية، أو المنظمات غير الحكومية، الممارسات اللاإنسانية التي يعيشها هؤلاء المحتجزون من اختطافات جماعية وفردية، أدت إلى تشتيت العائلات، واستعمال الأطفال والنساء وسيلة للابتزاز، واعتقالات تعسفية دون محاكمة قبل انتفاضة أكتوبر 1988 وبعدها، ومراقبة مستمرة صارمة، فهم محرومون من أبسط حقوق الإنسان المتمثلة في حرية التعبير والتجول، مؤكدة أن المغرب العريق عراقة التاريخ، الأصيل أصالة الحضارة، يسعى احتراما للشرعية الدولية، لتنفيذ المقررات الأممية، داعيا إلى التعجيل بإجراء استفتاء طالب هو به ويريده حرا، نزيها، عادلا، يخول لكل الصحراويين المشاركة في التصويت، فالعراقيل التي يضعها الخصوم والأعداء برهان ساطع عن نيتهم المبيتة، وفشلهم الذريع، ويأسهم القاتل.
وكم يسعد المجلس يامولاي ¬ بأن يفتخر بأن هذه الجهات تخلت عن أطروحتها القاضية الاقتصار على بحث الخروق أن صدرت عن الدول، واقتنعت بحتمية دراسة هذا الملف لمعرفة الحقيقة واكتشاف المسؤول الظاهر والخفي عن هذه الأوضاع، والتزمت النظر فيه من منظور حقوق الإنسان لمعاينة الحالة الشاذة التي يئن تحت وطأتها مواطنون أدركوا أن عودتهم ضمن شعار «أن الوطن غفور رحيم» وسيلة وحيدة للتحرر والانعتاق، وضرورة أكيدة احتراما للبيعة، وتقديسا للتبعية الدائمة، وتحقيقا للوحدة الترابية ؛ وهي مناسبة للاشادة بوزارة الدولة المكلفة بالشؤون الخارجية والتعاون ووزارة الداخلية والاعلام على ماقدمتاه من مساعدة لهذه المجموعة ساهمت في قيامها بعملها في أحسن الظروف.
مـولاي أمير المؤمنين
أ - أصدرت الجلالة الشريفة أمرها بالموافقة على إحداث مجموعة عمل مكلفة بدراسة الوضع تحت الحراسة والاعتقال الاحتياطي فرفع المجلس إلى السدة العالية بالله مقترحاته في هذا المجال، حيث أبى حفظه الله إلا أن يضفي عليها حلة المشروعية واللزوم بالموافقة عليها جملة وتفصيلا، اذ أضحت نصا تشريعيا تحترم مقتضياته التي أكدت للرأي العام الوطني والدولي من جديد استمرار المغرب في المنهج السليم، والصراط المستقيم، لصالح حقوق الإنسان.
لقد اطلع المجلس على ما قامت به وزارة العدل لوضع مشروع قانون المسطرة الجنائية ومشاريع النصوص التنظيمية المتعلقة بالسجون في صيغتها النهائية ضمن تنفيذ مقترحاته: وهو اذ يشيد بهذه الخطوات الهامة يلتمس إصدار الأمر السامي باحلال مجموعة عمل مكلفة بالتشريع الجنائي وحقوق الإنسان محل المجموعة المشاراليها أعلاه، تحقيقا للنظرة العامة والدراسة الشمولية ضمن الاختيارات المولوية الرشيدة.
ب - يسجل المجلس باعتزاز وانبهار ما حققه المغرب في هذه السنة من حسنات لصالح حقوق الإنسان والديمقراطية، ودولة القانون، حيث رسخ الدستور المراجع الحقوق السياسية والمدنية، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهي فرصة ذهبية للتباهي بالأفكار السنية التي تضمنها خطابكم التاريخي أثناء استقبال جلالتكم للجنة البحث والتقصي في شهر دجنبر من السنة الفارطة بمدينة مراكش اذ أمرتم بأن «تضاف إلى اهتمامات المجلس مايعمله لإثبات حقوق الإنسان وكرامته، وذلك لضمان الكرامة الاجتماعية والاقتصادية لكل مغربي»، فالتنمية ركن أساسي في هذه الحقوق. لقد خطا الدستور المراجع خطوة رائعة بالتزام المغرب احترام حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، وإحداث المجلس الدستوري منارة هادية وعلامة بارزة. ومازالت المملكـة بفضـل قيادتكم الحكيمـة تحـث الخطى في هذه المسـيرة المظفـرة نحو الكمال، وليكون المجلس في مستوى هذه الآيات البينات، يلتمس توسيع فضاء اتصالاته، وتمتين علاقاته مع المنظمات الجهوية والدولية، مع المؤسسات الوطنية، والمنظمات غير الحكومية ضمن الاستراتيجية الحسنية التي قررت أن حقوق الإنسان من الثوابت التي لا رجعة فيها.
ولسيدنا المنصور بالله سديد الرأي وواسع النظر دام له العز والتمكين، ونصره بنصره المبين وحفظه بما حفظ به الذكر الحكيم، وأبقاه الله ملاذا أمينا لهذه الأمة رائدا لأمجادها ومفاخرها، وأقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأميرالأجل الأمثل سيدي محمد وصنوه صاحب السمو الملكي الأمير الأبر الأرشد مولاي رشيد؛ وكافة أفراد الأسرة الملكية الشريفة انه سميع الدعاء.
والسلام على المقام العالي باللـه.
وحرر بالرباط في يوم الجمعة 23 جمادى الآخرة 1413 هـ، موافق 18دجنبر 1992م.