الكلمة الإفتتاحية لرئيس المجلس السيد العربي المجبود
الجمعة 23 جمادى الآخرة 1413هـ (18 دجنبر 1992م)
بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب المعالـي
سيادة الأمين العـام
حضرات الـسـادة
يطيب لي بدءا أن أزف اليكم أن صاحب الجلالة الملك المؤيد بالله تعبيرا عن ارتياحه ورضاه عن جودة الخدمات التي قدمها المجلس، في نطاق الاستشارة المخولة إليه، تفضل حفظه الله فقرر تجديد انتداب السادة الأعضاء الذين انتهى انتدابهم الأول.
ولست بحاجة إلى لفت النظر إلى أنها بادرة ملكية سامية أخرى نضمنها بمنتهى الفخر في سجلاتنا الحافلة بمثيلاتها، التي هي أصدق تعبير عن التبريك الملكي لمجلسه الاستشاري هذا، ولأعضائه الأوفياء، الذين توسم فيهم جلالته الخير من الأول وتفضل عليهم بثنائه الكريم في اليوم نفسه الذي أعلن فيه عن تعيينهم في هذه المؤسسة الملكية الموقرة.
وإلى هؤلاء أتقدم بأحر التهنئة على الثقة الغالية التي تكرم عليهم بها صاحب الجلالة، وأعبر لهم عن سروري باستئناف العمل المشترك في جو من الوئام والتفاهم والعزم الراسخ على السير إلى الأمام بنفس الوثيرة وفي نفس النهج المرسوم.
نلتقي اذن من جديد لنواصل المشي في المحجة البيضاء، التي باركها مولانا أمير المؤمنين، دام له العز والتأييد مسلحين بالإرادة القوية وعلى كامل الاستعداد لتوظيف ما لدينا من طاقة ومواهب وعزم وخدمة لهذا البلد العزيز والجالس على عرشه المكين.
نلتقي من جديد سعداء بحصيلة جهودنا مقتنعين أكثر من أي وقت مضى بأن ما تحقق، من خلال هذا المجلس، أضحى يؤتي أكله على أوسع نطاق.
وفي كل مناسبة سانحة يأبى صاحب الجلالة إلا أن يتفضل بالتعبير عن ارتياحه لأعمالنا وتنويهه بما حققناه تحت رعايته السامية.
ولقد هنأنا العاهل الكريم، نصره الله، مرة أخرى بمناسبة استقباله أعضاء لجنة البحث والتقصي عن أحداث فاس المتفرعة عن مجلسنا زوال يوم الثلاثاء 24 ديسمبر 1991 بالقصر الملكي العامر بمراكش، حيث سلمت لجلالته مذكرة مرفوعة إلى السدة العالية بشأن الخطوات التنفيذية لنشاط المجلس ومذكرة أخرى تتضمن موجز تقرير لجنة البحث والتقصي مصحوبة ببرقية ولاء وإخلاص.
ولقد توجه سيدنا المنصور بالله إلى أعضاء اللجنة بخطاب سام، تم الحرص على إرسال صور منه إليكم، اعتبارا لما احتوى عليه من ثناء للمجلس وإبراز ايجابية حصيلة أعماله، وما اشتمل عليه من سمو الأفكار وسديد الآراء وفائق الشكر لمؤسستنا هذه على ما بددته من أكاذيب، التي تعرض لها المغرب وإشاعات كانت تسود سمعته في الخارج، وما تضمنه في الختام من كلمات نعتز بها ونسجلها إلى الأبد في الأفئدة والذاكرة، اذ قال مدد الله في عمره : «جزاكم الله عن هذا البلد وعن وطنكم خيرا لأنكم أرجعتم الأمور إلى نصابها والحقيقة إلى محلها».
هذه شهادة شريفة سامية من جلالة الحسن الثاني، أمير المؤمنين، وفخر العرب وسليل الشرفاء وحفيد الرسول عليه السلام ورائد حقوق الإنسان والساهر على تطويرها وصيانتها وحامل مشعل الكرامة ولواء مسيرة المغرب العظيم نحو أسمى الآفاق، نضيفها إلى سابقاتها تكريما لهذا المجلس الموقر السائر قدما ترسيخا لمجد هذا البلد العظيم.
نلتقي اليوم اذن لتواصل مسيرة الكرامة زحفها مفتخرين بدون تواضع بالاقتراحات ذات المستوى الرفيع، التي عرضناها على نظر الجناب الشريف، انطلاقا من ذلك اليوم التاريخي الذي أسند الينا جلالته حفظه الله هذه المهام النبيلة والذي طبع حياتنا، على غرار ما طبع حياة كل مواطن وكان له الأثر البالغ في ربوع المملكة وخارجها.
يوم خالد ذلك اليوم الثامن من شهر ماي 1990 الذي أعلن فيه صاحب الجلالة عن تأسيس مجلس استشاري لحقوق الإنسان في خطاب تاريخي سام مبينا، حفظه الله، اختصاصاته وإجراءات مداولاته ومؤكدا أن المغرب كان دائما طموحا إلى تبوء المكان المرموق في المجتمع الدولي ومهتما بصيانة حقوق الإنسان والجماعات.
وكنا نتتبع بخشوع الخطاب الشريف كلمة كلمة، قارئين على المحيى الملكي الكريم العزم القوي على وضع حد للقيل والقال، وإظهار المغرب في الحلة القشيبة الطاهرة التي له والنزع عنه دنس التزييف والافتراء. ولقد بلغ تأثرنا أوجه عندما توجه إلينا مولانا الملك آمرا بأن نعين جلالته بنزاهتنا ووطنيتنا على رفع هذا البلد إلى مستوى الدول المتحضرة.
شعرنا، في تلك اللحظات، بمدى اهتمام جلالته بمجال حقوق الإنسان ومدى إصراره القاطع على صيانتها وتطويرها، وفي نفس الوقت بمدى أهمية المأمورية المسندة إلينا، وجسامة الدور الذي سنقوم به حالا واستقبالا. شعرنا في تلك اللحظات بأعظم تشريف وأنبل تكليف. فواضع الثقة فينا والمعتمد على مقدرتنا ومواهبنا وإخلاصنا هو سيد البلاد، أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين. ومن الطبيعي أن نشعر بثقل التكليف وعظمة التشريف.
فخرجنا من الاجتماع مفعمين فخرا وابتهاجا عازمين على تسخير كل ما لدينا من أجل أداء المهمة على أحسن وجه وبصدق وأمانة.
انطلقنا ولكننا لم ننطلق من نقطة صفر باعتبار أن احترام كرامة الإنسان كانت دائما هي الأصل وأن صيانة حقوقه ظاهرة طبعت دوما نظام الحكم بالمغرب. فلم ننطلق لوضع أسس حقوق الإنسان بقدر ما انطلقنا لاستكمال ما يطلق عليه في المصطلح الدولي بعبارة دولة الحق والقانون، والسهر أكثر على توطيد تلك الحقوق التي تجد جذورها مستقرة في القرآن الكريم وسنة الرسول عليه السلام والتقاليد الإسلامية العريقة المتناسقة مع المبادىء الأساسية للمواثيق والعهود الدولية.
كان انطلاقا إذن كدولة قانون مزودين برصيد قانوني خليق بدولة عصرية متحضرة. جدير بالتباهي ملازم لدولة مجهزة بادارة من الطراز الحديث ومؤسسات تضاهي مؤسسات الدول المكتملة النمو، دولة شامخة في المجد قاعدة على صرح ملكية دستورية ديموقراطية متعددة الأحزاب تضمن حقوق المواطنين وحرياتهم والمساواة بينهم، تدرج عملها في نطاق المنظمات الدولية وتتعهد بالتزام ما تقتضيه مواثيقها من مبادىء وحقوق وواجبات.
لم ننطلق إذن من الحلقة الأولى لمسلسل حقوق الإنسان بل من إحدى حلقاته الأخيرة سيرا على درب المبتغى.
انطلقنا انطلاقة عزم وحزم بقلوب مليئة بالإرادة القوية بإرادة فولاذية خدمة للوطن في شخص ملكه الرائد صاحب المبادرات الجريئة والمواقف المصيرية الخالـدة.
انطلقنا مؤمنين بالفوز والظفر الأكيد واعين كامل الوعي بآمال الشعب المغربي الأبي، شاعرين بجسامة الأمانة شعورا فائقا، سعداء بما أتيح لنا من فرصة غالية لخدمة العرش العظيم والمتربع عليه خدمة صادقة تترك بصماتها في سجل التاريخ ضمن مرحلة حاسمة من مراحل المسيرة الحسنية الموفقة.
انطلقنا مزودين بأنجع الأسلحة المادية والمعنوية وأكبر الوسائل فعالية، باعتبارنا لا ننتمي لأية جهة حكومية، ولا نخضع لأية سلطة إدارية وبأننا جهاز استشاري لجلالة الملك، مرتبط ارتباطا مباشرا بالجناب الشريف نعمل تحت إمرته، لا حاجز بيننا وبين السدة العالية بالله سوى الوقار والطاعة وقدسية المقام.
فقطعنا الأشواط تلو الأخرى وحرقنا المراحل والعين الملكية الكريمة ترعانا عن كثب والجناب الشريف يبارك منوها راضيا.
فانكببنا على الملفات وحللناها تحليلا وتناقشنا وتحاورنا، سواء على صعيد الجلسات العامة أو مجموعات العمل أو اللجان، ورفعنا إلى صاحب الجلالة، نصره الله، اقتراحات مدروسة متزنة موزونة الألفاظ معتدلة الصيغة، عالجت موضوعات هامة، فبددنا الغيوم الحاجبة للحقيقة وساهمنا في إظهار المغرب بمظهره الحقيقي.
فقومت شيئا فشيئا الاعوجاجات وأصغت الآذان الضالة إلى وجوب احترام القانون والتقيد بمبادئه وأصبحت حقوق الإنسان، بموازاة مع قضية الوحدة الترابية، الشغل الشاغل حكومة وإدارة. فتراجع الضالون عن أخطائهم وأسرع الزائغون عن الجادة بالإلتحاق بقافلة الكرامة.
فتبين للجميع أن المغرب ليس البلد الذي قدمته بعض المنظمات بدافع من السوء، وبدون مبرر قائم على أسس تتسم بالجدية، بمظهر مظلم مرتد لثوب البطش والاستبداد الغاشم انتهاك الحرمة البشرية ضاربا عرض الحائط بالآليات الدولية التي صادق عليها في هذا المجال.
إننا لواعون بأن الساحة الدولية تطبعها آنيا أحداث وتيارات جديدة أخذت تنتشر رقعتها في القارات الخمس تعكس، فيما نشاهده اليوم، من تقلبات متعددة وتغييرات سياسية واقتصادية واجتماعية واسعة النطاق تدور محاورها أساسا حول إعادة النظر، على الأصعدة الدولية والجهوية والقومية، في معاملة الإنسان على أساس صيانة الكرامة البشرية طبق المبادىء التي وضعتها الأمم المتحدة وضمنتها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان.
إننا لانحتاج إذن إلى تلقين أي درس في مجال حقوق الإنسان بل إننا أكثر الناس إدراكا بهذا الجانب الحساس الذي تزداد جسامته، يوما عن يوم، بقدر ما تتبلور التحديات المعاصرة التي علينا أن نأخذها بالحساب ابتغاء بقاء بلدنا قلعة حصينة للحريــات والحقوق المشروعة، علما أن درجة صيانة هذه الحقوق ضمـــانها أصبــحت تقاس بها المكانة التي تتبوءها الدولة في المجتمع، وبالتالي المعاملة التي على المجتمع الدولي أن يعاملها بها.
وفي هذا السياق أكد صاحب الجلالة نصره الله على السياسة التطويرية لحقوق الإنسان في المغرب فقال في خطابه السامي في قمة مجلس الأمن يوم 31 يناير 1992:
«لقد سجل تقدم واضح على الصعيد العالمي في مجال حقوق الإنسان. وان المغرب لينوه بذلك من أعلى هذا المنبر لأن مفهوم حقوق الإنسان من وجهة نظرنا مفهوم عالمي لا خـلاف فيـه ولا جـدال.
ونحن نؤمن بأن حقوق الإنسان تعني أولا وأخيرا الحفاظ على كرامة الإنسان، وما يترتب على هذا المبدأ النبيل من صيانة الحقوق الفردية والجماعية، وهذا ما تقره كل الجماعات المتحضرة. كما يطيب لنا أن نقول إن المبادىء التي أعلن عنها البيان العالمي لحقوق الإنسان والمواطن تعكس المفاهيم والتصورات الإنسانية التي آمنا بها، منذ أربعة عشر قرنا، والتي تشمل الحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية».
إن الخليفة الثاني في الإسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه أعلن عن حقوق الإنسان منطلقا من سؤاله المشهور : «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا».
ولقد أراد صاحب الجلالة أن يؤكد أكثر على مسيرة حقوق الإنسان في المغرب فقال، حفظه الله، في خطاب العرش:
«سيادة دولة الحق والقانون دعتنا إلى إيلاء حقوق الإنسان عنايتنا الفائقة.
«إن المبادىء الديموقراطية والمفاهيم الخلقية التي أشرنا إليها، وما لنا من إيمان بوجوب سيادة دولة الحق والقانون هي التي دعتنا إلى إيلاء حقوق الإنسان عنايتنا الفائقة، بحيث تصدرت اهتماماتنا ومشاغلنــا. ونحن نعـــتبر فكــرة حقـوق الإنسان مرتبطة في المجتمع، وهذا الدور يقتضي تحقيق نوع من التوازن بين حماية حقوق الإنسان وحماية المجتمع من كل ما يهدد الإنسان في حياته وممتلكاته وأمنه الاجتماعي. ومن هذا المنظور أسسنا إلى جانبنا المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان. فتقدم إلى أنظارنا بعدة اقتراحات قبلناها برمتها اقتناعا منا بصفتها البناءة وتمس معظم الاقتراحات مجالات الحراسة النظرية والإعتقال الاحتياطي وحالة السجون من الوجهتين القانونية والإنسانية.
«كما أنشأنا أيضا قنوات الإتصال والإعلام لتنوير الرأي العام حول الموضوع بما فيه المنظمات الرسمية والمنظمات غير الحكومية. تلكم هي تصوراتنا والمبادىء التي ألهمت عملنا، وذلكم هو السلوك الخلقي الذي طبع خياراتنا».
حضرات السادة،
يتجلى هكذا بوضوح أن صاحب الجلالة، نصره الله، لم يترك فرصة تمر دون انتهازها للتأكيد على احترام حقوق الإنسان وعزمه الشديد على صيانتها وإرقائها على مختلف الأصعدة.
ولقد جدد حفظه الله التعبير عن هذا العزم مرة أخرى في خطابه السامي يوم 21 أبريل 1992 بمناسبة افتتاح المناظرة الخامسة للجماعات المحلية حيث قال:
«علينا قبل كل شيء أن نحترم حقوق الإنسان وعلينا أن نحترم فوق حقوق الإنسان حقوق الجماعات وعلينا فوق حقوق الجماعات أن نحترم القانون».
وسعيا إلى التعريف أكثر بما حققه المغرب ومحو الأثر الذي قد تركته كل مبادرة محتملة لتزييف الإعلام، واصل المجلس على مستوى الوفود نشاطه المكثف إنجازا لهذه الغاية في مختلف الديار الأوروبية والأمريكية.
وفي هذا الإطار توجه، بأمر من جلالة الملك نصره الله في أواخر شهر يناير 1992، إلى واشنطن وفد عن المجلس مؤلف، بالإضافة إلى سيادة الأمين العام الأستاذ محمد ميكو، من الزملاء السادة : محمد زيان أحمد العسكي محمد بوزبع محمد علال سيناصر والتهامي الخياري.
وأثناء مقامه بالعاصمة الأمريكية ربط اتصالات بعدد من البرلمانيين ومساعديهم المهتمين بحقوق الإنسان، وبالمنظمات غير الحكومية التي تعنى بهذا المجال، وكذا ببعض الجامعيين والطلبة الذين يبدون اهتماما خاصا بالعلاقات الخارجية، وبعدد من المسؤولين عن حقوق الإنسان بكتابة الدولة في الخارجية وقدم بيانات ضافية عن المملكة المغربية وما تحظى بها حقوق الإنسان من عناية.
وانتهز الوفد هذه الفرصة لإثارة الانتباه إلى ما يمارس من خروقات ضد المحتجزين بمخيمات تيندوف ومن اختطافات فردية وجماعية وما يترتب عنها من سلبيات جسيمة وأحزان وآلام لاتوصف.
ولقد تم تنسيق العمل، في هذا المضمار، مع الوفد الصحراوي الذي كان متواجدا، في نفس الوقت، بواشنطن والذي قدم هو الآخر عروضا مقنعة عن قضية الصحراء المغربية معززة بوثائق دامغة. فكانت الحصيلة إيجابية إلى أبعد حد وكان للوفدين الظفر حليفا.
وهكذا فإن المغرب، الذي حباه الله ملكا حكيما متبصرا، إدراكا منه بأن حركة التاريخ قذفت بالعالم إلى عهد جديد، إثر تمخضات عسيرة، اختار أن يواكب الزحف التقدمي على الساحة الدولية تحت قيادة جلالته أيده الله.
وتأكيدا أكثر على تمسك المغرب بحقوق الإنسان واعتبارها أساسا لنظام الحكم أبى جلالة الملك إلا أن ينص تصدير الدستور المراجع على أن المملكة المغربية «تؤكد تشبتها بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا» علاوة على أنها «تتعهد بالتزام ما تقتضيه مواثيق المنظمات الدولية من مبادىء وحقوق وواجبات». وهكذا أصبحت حقوق الإنسان مبدءا جوهريا للقانون الأسمى غير قابل دستوريا للخرق والتجاوز. وإن كل اعتداء على المبادىء الأساسية لحقوق الإنسان المتعارف عليها عالميا يعد مسا بالدستور. وليس هذا بغريب، ومبادرات صاحب الجلالة كانت تهدف دائما إلى ما فيه خير الشعب الذي يحبه حفظه الله حبا يستعصى وصفه. أليس هو القائل نصره الله : «أنا أحب المغاربة وأنا معهم في السراء والضراء. فليست الوطنية محبة شعبي مشروطة علي بل أنا ملزم بهذه المحبة كيفما كان الشعب. أحببته مع أبي في المنفى وبكيت على بلادي وأنا في الخارج ودافعت عنها وأنا في الداخل».
أليس هو القائل أيضا حفظه الله وهو أصدق قائل: «إذا كان شعبي العزيز قد أهدى الي روحه ومحبته وقلبه أعطيته أغلى من صحتي وراحتي وسهري على مصالحه وخوفي عليه وايماني به».
ان المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان كان و لاريب الحافز الأسمى لحقوق الإنسان في بلدنا ولا زال يؤدي الأمانة بروح نزيهة خلاقة، دؤوب الحركة داخل المجال المخول له حاضرا في جميع التظاهرات على اختلافها التي يبدو حضوره فيها ناجعا ومـفيـدا.
وفي هذا الإطار احتضنت العاصمة التونسية، في ثاني شهر نونبر من هذه السنة، الاجتماع الجهوي الافريقي المخصص لتحضير المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان المقرر من لدن الأمم المتحدة، والمنتظر تنظيمه خلال شهر يونيه من السنة المقبلة 1993.
ولقد ساهم المجلس بوفد هام، بقيادة أمينه العام الأستاذ محمد ميكو، في هذه التظاهرة ذات الأهمية بمكان، واستغل الفرصة لربط الإتصال بكل من يعنى بحقوق الإنسان جماعات وفرادى.
ويبدو جليا أن مسلسل الاجتماعات المتوالية الخاصة بشؤون حقوق الإنسان على المستوى الدولي يؤكد التحول الهائل في ميدان الاهتمام بهذه الحقوق.
إن المغرب يواكب السير بخطوات عملاقة شاعرا بالدور الذي عليه أن يلعبه في دفع عجلة السلام والتفاهم والكرامة.
وفي سياق هذا المسار شاءت إرادة صاحب الجلالة، نصره الله، إدخال تعديلات مهمة على دستور المملكة تمركزت بالأخص على إرقاء الإنسان على سلم الحقوق، وتوسيع حقل عمل البرلمان، وتطوير مسؤولية الحكومة، وإنشاء مؤسسات تعزز دولة الحق والقانون، وإرساء المملكة في المجالين الاجتماعي والإقتصادي على أسس جديدة أحسن انسجاما وأكثر نجوعا في ظل هيمنة القانون.
أبقى الله مولانا الإمام رائدا حكيما لهذا البلد الأمين وأحاطه بعنايته الربانية قرير العين بصاحبي السمو الملكي الأميرين الجليلين ولي العهد سيدي محمد وشقيقه المولى الرشيد وسائر أعضاء الأسرة الملكية الشريفة إنه مجيب الدعوات.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
رئيس المجلس
محمد العربي المجبود