الأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان
تشكل "الأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان" نتاج مجهود التقت حوله مجموعة من الإرادات إثر الدينامية التي انطلقت بمبادرة من المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان. فخلال الورشة الثانية التي دعا إليها المجلس في 20 أبريل 2006، والتي شاركت فيها فعاليات عن القطاعات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية، تعزز الاتفاق حول أهمية المشروع وضرورة بلورته كمشروع يستهدف تعزيز واستكمال المبادرات و المجهودات القطاعية بإعطائها نفسا نوعيا طابع عرضاني.
لماذا صفة أرضية مواطنة؟
تستمد هذه الأرضية صفتها المواطنة من كونها تسعى للاستجابة لحاجة مزدوجة.
من جهة، التأكيد على دور ومسؤولية المؤسسات في احترام وتعزيز وتفعيل مبادئ ومقتضيات حقوق الإنسان والحريات الأساسية في جميع مجالات الحياة العامة والخاصة، والإسهام في التنمية المجتمعية والبناء الديمقراطي.
من جهة ثانية، تنمية الوعي بحقوق الإنسان بما تعنيه من تقوية للقدرات ومن تمكين للأفراد والجماعات من النفاذ إلى تلك الحقوق والتمتع بها كاملة، والمطالبة بها في حالة الخصاص، وحمايتها من كل أشكال الانتهاكات، والنهوض بها.
تشكل هذه الأرضية أساس للمواطنة والشعور بالانتماء، وتوفر في ذات الوقت، وفي علاقة بالنهوض بثقافة حقوق الإنسان، دعامة قوية لتربية الأجيال على احترام التنوع والاختلاف وصيانتهما كمصدر استقرار وإثراء وتنمية مجتمعية.
طبيعة الأرضية وأهدافها ومجالات تدخلها
إن " الأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان" مشروع حقوقي وثقافي وبيداغوجي، ذو بعد مجتمعي يهدف التأثير الإيجابي على العقليات السلوكات، ويتطلب انخراطا واسعا وهو بذلك يندرج في الزمن ويستلزم المثابرة والنفس الطويل.
إن هاته الأرضية كمشروع وطني من حيث الأبعاد، وتشاركي من حيث المقاربة، يتوخى الاستجابة لغاية مجتمعية وهدف مباشر مترابطين :
الغاية المجتمعية : وتكمن في تملك المجتمع عموما و من يوجدون في مواقع تمكنهم من ضمان إعمال حقوق الإنسان بشكل خاص، لثقافة حقوقية تتجلى في مواقف وسلوكات وممارسات، وتحترم معايير وقيم حقوق الإنسان، وتنعكس إيجابا على الحياة اليومية للمواطنين والمواطنات.
الهدف المباشر : وهو خلق دينامكية تعبئ فاعلين حكوميين وغير حكوميين في الحقل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والإعلامي، من أجل توسيع وترصيد و تنسيق الجهود الحالية والمستقبلية، لفائدة النهوض بثقافة حقوق الإنسان، ضمن تصور يمنحها الانسجام والتكامل والاستدامة، ويوفر لها شروط الإيداع والتكيف مع الحاجيات المتجددة.
المبادئ المؤسسة للأرضية
التعضيد والترصيد : تعمل الأرضية على تهييء شروط ربط الجسور بين مختلف المكونات للتجاوز الإيجابي للمنظور القطاعي و التجزيئي الذي حد من فعالية الاستثمار ونجاعة المجهودات.
العرضانية : تعتبر هاته الأرضية مشتركا للعمل و التفاعل يعتمد مضامين ذات أبعاد عرضانية تعبر عن اهتمامات مشتركة لمختلف الفاعلين حكوميين وغير حكوميين ومؤسسات وطنية، ويشكل الطابع العرضاني للأرضية أهمية وجدوى لكونه يتيح إمكانيات ومسلسل تجميع الطاقات وتعضيد الجهود والوسائل بين مختلف الفاعلين حول برامج وأهداف مشتركة.
التقاطع والتشارك والتكامل : لا تشكل هاته الأرضية إطارا شاملا لكل العمليات والمبادرات الرامية للنهوض بثقافة حقوق الإنسان من قبل مختلف الفاعلين، المخطط لها أو في طور الإنجاز، بل تتكامل مع كافة المجهودات المبذولة وطنيا، جهويا وقطاعيا، من أجل ضمان التقاطعات الممكنة وفرص تعضيد الطاقات والوسائل، كما أن أجرأتها عمليا تبقى من مهام ومسؤوليات مختلف الفاعلين أخدا بعين الاعتبار خصوصياتهم وتراكماتهم وطبيعة الرهانات المطروحة عليهم.
الجدولة الزمنية للتنفيذ :
إنه هاته الأرضية مبرمج على مدة زمنية محددة في خمس سنوات، مكونة من ثلاث مراحل مترابطة : المرحلة التمهيدية، المرحلة التنفيذية ومرحلة التقييم.
المرحلة التمهيدية :
تمتد خلال السنة الأولى وتهدف التحضير والتخطيط الوطني والقطاعي بما يتطلب ذلك من إعداد الشروط القبلية للتنفيذ من :
- توفير الشروط واللآليات المؤسساتية،
- تكوين هيئة الإشراف والمتابعة
- القيام بعمليات التشاور والتعبئة لضمان الإنخراط وتملك الأرضية من طرف أوسع
الفاعلين.
- اتخاذ الإجراءات القانونية التنظيمية والتدبيرية للأرضية،
- اتخاذ قرارات عمومية بما فيها إعداد الميزانيات.
- تحديد وتوزيع الالتزامات
- التعريف والتحسيس بالأرضية وبمضامينها ورهاناتها وأهدافها،
- التدقيق في مضامين وأهداف ومنهجيات العمليات من طرف مختلف الشركاء والفاعلين المعنيين بالمشروع،
المرحلة التنفيذية :
تمتد لمدة ثلاث سنوات وتشمل أجرأة العمليات عبر تنفيذها على أرض الواقع.
مرحلة التقييم
يتم تخصيص السنة الخامسة لتقييم النتائج والتأثيرات المباشرة وغير المباشرة والتخطيط لاستراتيجية على مدى أبعد ارتكازا على التراكمات المحقق والديناميات المتبلورة.
اختيار المحاور
تم اختيار التربية وتكوين المهنيين والتحسيس كرافعات مركزية لهذه الأرضية لاعتبارين.
- يتمثل الاعتبار الأول في كونها من ضمن الروائع الأساسية للنهوض بثقافة حقوق انسجاما مع توصيات الأمم المتحدة المتعلقة بهذا المجال.
- أما الاعتبار الثاني فيحيل على السياق المغربي وما راكمه من تجارب في هذا المجال وما يعرفنه حاليا من فرص متاحة وإكراهات تستدعي تحديد أولويات مرحلية متناسبة مع الحاجيات والمدة الزمنية المحددة لهذه الأرضية.
- يستند اختيار التربية باعتبارها تتجه لمختلف فئات المجتمع وأساسا الأجيال الصاعدة المراهن عليه لتعزيز وتطوير مكتسبات المغرب في مجال حقوق الإنسان والحرص على عدم تكرار ما جرى في الماضي من انتهاكات جسيمة لتلك الحقوق ومواجهة التحديات التنموية المستقبلية.
- يعني تكوين المهنيين التوجه بصفة خاصة للمسؤولين على إنفاذ القوانين ولذوي المواقع ذات التأثير المباشر على أوسع الفئات المجتمعية، وذلك للنهوض بثقافة حقوق الإنسان و ضمان احترام الحقوق والحريات الأساسية للمواطنات والمواطنين، وكذا إعطاء مغزى للإصلاحات الجارية والمرتقبة في هذا المجال وجعلها واقعا ملموسا ومعاشا في الحياة اليومية.
- يبرر التحسيس بكونه يتجه عموما لجمهور عريض قصد مواجهة مظاهر الإقصاء والتمييز والعنف والكراهية وتوسيع دائرة القيم الإنسانية المشتركة بين سائر المواطنات والمواطنين في تنوعهم ليعيشوا في إطار يضمن احترام كرامتهم الإنسانية. إضافة لاستهداف بعض الفئات ذات الوضع الهش نظرا لحاجياتها الخاصة المسجلة في المرحلة الراهنة.
الاتصال :منسقة لجنة الاشراف على إعداد خطة العمل الوطنية للنهوض بثقافة حقوق الانسان، السيدة أمينة المريني