المذكرة المرفوعة إلى جلالة الملك حول التقرير الصادر عن مجموعة العمل المكلفة بدراسة الوضعية في السجون
بسم الله الرحمن الرحيم
نعم سيدي أعزك الله
يتشرف أعضاء المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بأن يرفعوا إلى علم الجلالة الشريفة أن المجلس عقد اجتماعه الثامن في يومي الأربعاء والخميس 12و 13رمضان المعظم 1414هـ موافق 23 و 24 يبراير 1994م، تنفيذا للأمر السامي واستنادا إلى المادة الخامسة من الظهير الشريف رقم 1.90.12 الصادر في 24 رمضان 1410هـ (20 أبريل 1990 م) المتعلق بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان.
لقد درس المجلس التقرير الصادر عن مجموعة العمل المكلفة بدراسة الوضعية في السجون المؤرخ في 27 جمادى الأولى 1414( 12 نونبر1993) بشأن مشروع المرسوم المنظم للمؤسسات السجنية، والتقرير المؤرخ في 15 جمادى الآخرة 1414هـ (30 نونبر 1993 م) المتعلق بالصورة الوصفية للسجون، ضمن المنهجية الـتاليـة:
أولا : مشروع المرسوم
ناقش المجلس المشروع للتعرف على مدى تقيده بالاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة، والقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء التي اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة الأول لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين، فاتضح له أن بعض مقتضيات المشروع تمتاز بالتفوق على الاتفاقيات الدولية والقواعد النموذجية، والأغلب يتوافق معها، والقلة النادرة من القواعد وقع إغفالها، لذلك استقر رأيه، وهو يشيد بالمشروع في مجموعه، أن يرفع الى السدة العالية بالله المقترحات التالية:
عدم التمييز في المعاملة بسبب العنصر، أواللون، أوالجنس، أو الدين، أو الرأي، أو المركز الاجتماعي؛
تضمين سجل الاعتقال يوم وساعة دخول المعتقلين السجن وخروجهم منه؛
فصل المحبوسين احتياطيا عن المسجونين المحكوم عليهم ؛ والمحبوسين لأسباب مدنية، بما في ذلك الديون، عن السجناء بسبب جريمة جنائية، بالإضافة إلى الفصل التام لأماكن الاعتقال المخصصة للرجال عن أماكن النساء، وإسناد حراستها إلى موظفات؛
نظافة المرافق الصحيـــة للسجن، والاستحمام بدرجـة حرارة مكيفـة مـع الطقس، بالقدر الذي تتطلبه الصحة، مع احترام محلات الاعتقال للمساحة الدنيا المخصصة لكل سجين، وتوفر كل معتقل، في حدود الإمكان، على سرير فردي وفـراش ملائـم؛
احتفاظ المعتقل بملابسه الشخصية اذا كانت نظيفة، وعدم اخضاعه لارتداء لباس مهين أو حاط بالكرامة؛
عضوية رئيس الجماعة المحلية في لجنة المراقبة التي يناط بها السهر على وسائل الصحة، والأمن، والوقاية من الأمراض، وعلى نظام تغذية المعتقلين، وظروف حياتهم العادية؛
إقامة الطبيب العامل بصفة دائمة داخل السجن أو على مقربة منه، واستشارة الطبيب المختص بشأن الأنظمة الغذائية الخاصة بالمعتقلين المرضى، والنساء الحوامل، و المرضعات، والرضع، والأطفال، واستشارته أيضا قبل استعمال وسائل تقييد الحرية، وتقيد الأطباء الداخليين العاملين بالسجون بحدود الصلاحيات المخولة لهم بهذه الصفة؛
حتمية إشعار مدير المؤسسة فورا للإدارة المركزية بمضمون تقرير طبيب المؤسسة؛
تحديد النظام الداخلي للاقتطاعات كتعويض عن الخسـائـر، وللافعال التي تشكل مخالفات تأديبية، مع إعلام السجين بمانسب اليه، والتأكد من صحة ذلك قبل إصدار العقوبة في حقه، بالإضافة إلى قصر العقوبة بالنسبة للمراسلات على استغلالها في الاهانات، أوالتهديدات، أو الادعاءات الكاذبة؛
تحديد مكافأة منصفة للسجناء الذين يزاولون عملا يدر دخلا؛
إمكانية توصل المعتقل احتياطيا كان أو محكوما عليه، اذا أراد ذلك، بالجرائد والدوريات والكتب المسموح ببيعها في السوق الوطني، وفق الشروط التنظيمية للمراقبة.
ثانيا : الصورة الوصفية للسجون
استقر رأي المجلس نتيجة الدراسة التحليلية للوثائق التي وضعتها وزارة العدل رهن إشارته، والزيارات الميدانية لعينات من السجون، أن يرفع إلى الجلالة الشريفة المقترحات التالية :
الإشادة بالتحسن النسبي الحاصل في مستوى المؤسسات السجنية بصفة عامة، سواء من حيث توفير ظروف الإيواء، أو التجهيز، أو التغذية، أو وسائل الترفيه، والتثقيف، والتأهيل المهني؛
الإشادة بالحوار الذي دشنته ادارة السجون مع السجناء، والدعوة إلى استمراره لما في ذلك من فوائد جمة لصالح كرامة السجين وأمن المؤسسة السجنية؛
التأكيد على تنصيب لجنة المراقبة في كل عمالة أو اقليم للسهر على توفر وسائل الصحة، والأمن، والوقاية من الأمراض للمعتقلين، وعلى نظام تغذيتهم، وظروف حياتهم العادية، وكذا المساعدة على اعادة تربيتهم الأخلاقية، وانسجامهم واحلالهم محلا لائقا بهم بعد الإفراج عنهم تطبيقا للفصل 661 من قانون المسطرة الجنائية؛
التأكيد على حث النيابات العمومية على عدم تعميم مسطرة تقديم المتابع في حالة الاعتقال، واعطاء الأسبقية في غرف التحقيق إلى قضايا المعتقلين الاحتياطيين؛
¬التأكيد على وضع الوسائل المادية، وبكل استعجال، رهن اشارة الوزارة لإتمام السجون التي شرع في تشييدها، وبناء سجون جديدة، أو توسعة الموجودة لتواكب عدد الـنــزلاء؛
الإشادة بما تحقق في المجال الطبي، والتأكيد على تحضير برنامج وقائي في الموضوع، يسهر على إنجازه أطباء السجون بتعاون مع مصلحة علم الجوائح بوزارة الصحة العمومية، وتزويد السجون بوسائل التشخيص تسهيلا للعلاجات المستعجلة؛
إتاحة الفرصة للأطباء العاملين بصفة قارة للقيام بتداريب لاستكمال الخبرة في طب السجون الذي يختلف عن الطب العادي في جوانب عديدة؛
تعيين اخصائيين في علم النفس يعملون بتنسيق مع الأطباء العاملين بالسجون لتشخيص بعض الأمراض النفسية بصفة مبكرة تسهيلا لعلاجها؛
تحسين الوجبات الغذائية كما وكيفا؛
التأكيد على تغيير المعايير التي تعتمدها لجنة العفو قصد توسيع الاستفادة من العفو الملكي السامي الكريم؛
الاهتمام بالجانب الإنساني والاجتماعي للزيارات؛
دعم التعليم والتكوين المهني للسجون؛
التأكيد على تحسين الوضعية المادية لموظفي السجون، وإحداث تعويضات خاصة عن المخاطر التي يتعرضون لها، أسوة ببعض فئات الموظفين الذين يعملون في ظروف مماثلة.
مولاي أمير المؤمنين
لقد استلهم المجلس مقترحاته من الحكمة الرائدة لمولانا الامام التي عطر بها حفل تنصيب المجلس إذ قال حفظه اللـه: «ومعلوم أن للمواطنين حقوق، وحتى من أدينوا في المحاكم يجب أن يكونوا في مأمن من الجوع ومن المرض ومن التعسفات، ويجب أن يتمتعوا بصلة الرحم مع ذويهم، وأن يتمكنوا من الدواء وزيارة الطبيب إذا اقتضى الحال، بل يجب على النظام القضائي وعلى الدولة أن تحيطهم بكل ما من شأنه أن يمكنهم من الكرامة».