أنتم هنا : الرئيسيةالصحة الجنسية والانجابية في المغرب: بين مطرقة التمثلات الاجتماعية والمغالطات التي تتولد عنها وسندان إرهاصات الجهل بالحقوق المرتبطة بها

  • تصغير
  • تكبير

الصحة الجنسية والانجابية في المغرب: بين مطرقة التمثلات الاجتماعية والمغالطات التي تتولد عنها وسندان إرهاصات الجهل بالحقوق المرتبطة بها

كيف يمكن تعريف الصحة الجنسية والانجابية؟ أي تمثلات اجتماعية مرتبطة بها في المغرب؟ ما هو مفهومها على المستوى الطبي في ظل الارهاصات الاجتماعية والذاتية التي تمنع الولوج إلي الخدمات الصحية المرتبطة بها؟ وما هو واقع الصحة الجنسية والانجابية وفق العمل الميداني للمجتمع المدني؟...

كانت تلك بعض الأسئلة التي حاول ضيوف رواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان بمعرض الكتاب الإجابة عنها في إطار فقرة مجالات ناشئة في حقوق الإنسان، والتي يحاول المجلس من خلالها إلقاء الضوء على تيمات جديدة طرحت نفسها على الساحة الحقوقية بقوة وحان الوقت لفتح النقاش حولها. وفي هذا الإطار أغنى أشغال هذا النقاش، الذي سيرت أشغاله الصحفية إيمان عزمي،  كل من السيد عبد الصمد بنعلا، طبيب جنساني، عبد الصمد الديالمي، مختص في علم الاجتماع ومستشار في مجال الصحة الجنسية والانجابية، والسيدة خديجة الغالمي، رئيسة الجمعية المغربية لتنظيم الأسرة-فرع الدار البيضاء.

على سبيل التذكير، تعتبر الصحة الجنسية والإنجابية، حسب المفوضية السامية لحقوق الإنسان، مرتبطة بحقوق متعددة، بما فيها الحق في الحياة، والحق في الصحة، والحق في عدم التعرض للتعذيب، والحق في الخصوصية، والحق في التربية، وحظر التمييز، إلخ.

 

ماذا عن الصحة الجنسية والانجابية على المستوى الميداني والمعاينة؟

بحكم تجربتها الميدانية واحتكاكها اليومي بهذا الموضوع، أكدت السيدة الغالمي أن الصحة الجنسية والانجابية، للأسف، ما زالت تقع تحت وطأة "الحشومة" والطابوهات التي تحول دون المعرفة العلمية الصحيحة والطبية والحقوقية للموضوع وهو ما يشكل عائقاً أمام الولوج لخدمات الصحة الجنسية والإنجابية المتوافرة وقبولها من طرف المجتمع والنساء خاصة. 

وأضافت أن موضوع الصحة الجنسية غالبا ما يتم تناوله بين الراشدين على سبيل النكتة دون حصول وعي كامل بمدى تأثيره على حياة الفرد الشخصية، الصحية، الأسرية،  المهنية، إلخ. وبالتالي فإن فئات كثيرة بما فيها الآباء، سواء مثقفين أو غير مثقفين، غير قادرون على التواصل وتبسيط المفاهيم  لأبناءهم، في ظل غياب الحوار حول هذا الموضوع وضمان المرافقة خاصة خلال فترة البلوغ وهو ما يؤدي إلى بحث المراهقين والشباب عن معلومات  وأجوبة لأسئلتهم من مصادر مغلوطة.

وفي هذا الإطار، ذكرت الغالمي أن الجمعية، في إطار مقاربة القرب التي تتبناها، تعمل على التحسيس بالصحة الجنسية والانجابية من خلال استهداف فئات مختلفة بفضاءات متنوعة مع الحرص على تكييف وتبسيط الخطاب لكل فئة على حدة مشددة أن الجمعية تراهن على الشباب كفئة مستهدفة بالأساس من خلال التكوين في مجال الصحة الجنسية والانجابية والتثقيف بالحقوق المرتبطة بها، مع العمل على جعلهم (الشباب) حلقات وصل داخل المؤسسات والجامعات والفضاءات العامة لنشر المعرفة الصحيحة حول هذا الموضوع، إلخ.

إلى أي مدى يقْدم المغاربة على العيادات المتخصصة للحصول على استشارة طبية في مجال الصحة الجنسية والانجابية؟

انطلاقا من عمله الميداني والاستشارات التي قدمها لسنوات في هذا الميدان، أكد الطبيب الجنساني السيد عبد الصمد بنعلا (المعروف بدوك صمد) بأن الصحة الجنسية مرتبطة بحق أساسي تم التنصيص عليه في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وهو الحق في الصحة مبررا العزوف المسجل في طلب المعرفة والخدمات المرتبطة بالصحة الجنسية بالخوف من "الأحكام المسبقة" أو من أن يعتبرها المجتمع بمثابة دعوة أو تشجيع  للخروج على النطاق الديني أو العرفي أو الاجتماعي، إلا أنها في الحقيقة حق مكتسب وجبت المطالبة به لارتباطه بصحة كل فرد وتوازنه النفسي. وبالتالي فإن طلب الاستشارة، في مجال الصحة الجنسية والمشاكل المرتبطة بها يتطلب شجاعة كبيرة بالنظر لحضور  مجموعة من العوائق المرتبطة بالتمثلاث الاجتماعية التي تحول دون التمكن من معرفة علمية وطبية صحيحة حول الصحة الجنسية والانجابية مسجلا رغم ذلك حصول طفرة نوعية انطلاقا مما يعاينه من العدد المتزايد نسبيا للاستشارات الطبية التي يقدمها وهي استشارات، حسب رأيه، يقدم عليها الرجال أكثر من النساء.

ما هي التمثلات الاجتماعية المرتبطة بالصحة الجنسية والانجابية لدى المغاربة؟

سؤال أكد في الإجابة عنه السيد عبد الصمد الديالمي ارتباطه بوعي شعبي غالبا ما يرفض ويصطدم مع المفاهيم الدولية والحقوق ذات الصلة بها حتى في ظل المعارك التي يقودها المثقفون والجمعيات وبعض المؤسسات التي تعمل على زيادة الوعي بها وتملك المعرفة الصحيحة حولها. وقد عزى الديالمي ذلك إلى اعتقاد المواطن المغربي بأن الصحة الجنسية والانجابية مفهوم "مستورد" يفرضه الغرب على مجتمعات أخرى وبالتالي وجب، باسم الأخلاق والدين، رفضه والتصدي له.

وهذه الحقوق، يضيف، لا تطرح كتحديات بالمغرب فقط بل كذلك على مستوى المنتظم الدولي حيث أنه لم توضع بعد في إطار معاهدات تعلو كمعايير دولية، مذكرا في نفس الآن بأن هناك عددا من الجمعيات والوكالات الأممية التي تحث على عدم التمييز في الولوج إلى المعلومة المرتبطة بهذا الموضوع والخدمات الصحية ذات الصلة.