أنتم هنا : الرئيسيةالتوثيقدورات المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان: 1990-2010الدورة الثلاثون - 26 يوليوز 2008الكلمة الإفتتاحية لرئيس المجلس السيد أحمد حرزني

  • تصغير
  • تكبير

الكلمة الإفتتاحية لرئيس المجلس السيد أحمد حرزني

بسم الله الرحمن الرحيم

السادة الوزراء

السيدات والسادة الأعضاء

حضرات السيدات والسادة

يسعدني في البداية أن أرحب بكم جميعا في افتتاح الدورة الثلاثين لمجلسنا، ومما يزيد من سروري أننا نستقبل بهذه المناسبة أشقاء أعزاء من موريتانيا جاؤوا لتوطيد العلاقات فيما بين مجلسنا واللجنة الوطنية الفتية لحقوق الإنسان في القطر الموريتاني الشقيق.

وكما جرت العادة فسنبدأ باستعراض سريع لما أنجزناه منذ الدورة الأخيرة للمجلس.

وهكذا، وفي إطار متابعة تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة فقد واصل المجلس عمله، إذ توصلنا مؤخرا بنتائج التحريات في ميدان الحمض النووي بخصوص حالات الاختفاء القسري، تتضمن الأجوبة عن العينات الأولى، فمنها ما حسم وبعضها يحتاج إلى تحاليل إضافية، وبهذه المناسبة أود التقدم بالشكر لمسؤولي وأطر المختبرين العلميين للدرك الملكي والشرطة.

وهكذا وفي إطار متابعة تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة فقد واصل المجلس عمله اليومي في مجالات الحماية وتدبير الشكايات التي يتوصل بها. كما واصل إصدار المقررات التحكيمية المتعلقة بطلبات التعويض مركزا نوعا ما في المدة الأخيرة على حالات عدم الاختصاص، من جهة، والحالات المتصلة بالكشف عن الحقيقة وبإغلاق ملفات كانت تصنف سابقا ضمن ملفات مجهولي المصير، بموافقة العائلات طبعا، من جهة أخرى.

وفي نفس النطاق، واصل المجلس توزيع بطاقات التغطية الصحية على المستفيدين من الضحايا وذويهم. والذي يسجل في هذا الصدد هو ضعف إقبال الضحايا وذويهم على طلب بطاقات التغطية الصحية. ونظرا لأن هذه الظاهرة ربما ترجع إلى نقص في التواصل، فقد ارتأينا، بمعية الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، أن ننظم يوما تواصليا حول هذا الموضوع. وربما نلجأ أيضا إلى حملة إعلامية عبر الصحف الوطنية والإذاعة والتلفزة. كما أننا نرغب في أن تتعاون معنا في هذه المسألة منظمات المجتمع المدني، وقد عبرنا لها غير ما مرة عن هذه الرغبة.

أما في موضوع التسوية الإدارية والإدماج الاجتماعي فلا زلنا نشتغل مع الحكومة لإيجاد حلول لمختلف الحالات التي أمامنا. ولا بد من الاعتراف هنا بأننا نصطدم بمشاكل عدة، منها عدم دقة معطيات بعض الملفات، وظرفية سعي القطاع العمومي إلى التقليص من الكتلة الأجرية، وتقدم المعنيين بالأمر في السن، إلخ. ولتجاوز هذا الإكراه الأخير على الخصوص، ومع إصرارنا على إيجاد حلول للمعنيين بالأمر أنفسهم، فقد اهتدينا بفضل الشراكة مع وزارة التشغيل على الخصوص إلى بديل نعتقد أنه مهم جدا وواعد جدا ومكمل للتسوية الإدارية والإدماج الاجتماعي لفائدة الضحايا، ألا وهو عرض إمكانية الحصول على تكوين مهني لفائدة ذوي حقوقهم المتوفرين على المؤهلات الدنيا والسن المناسبة، وقد وعدتنا وزارة التشغيل مشكورة بأن تفتح لنا جميع مراكز التكوين العمومية والخصوصية لهذا الغرض، وبشروط غاية في الكرم.

ونحن الآن بصدد ضبط لوائح سنعرضها على الوزارة، في القريب إن شاء الله، حتى تشرع الأفواج الأولى من ذوي حقوق الضحايا في الاستفادة من هذا البرنامج (ابتداء من شتنبر المقبل).

هذا فيما يخص البرامج المتعلقة بالضحايا الأفراد، أما فيما يخص برنامج جبر الأضرار الجماعية:

فقد تم تأسيس11 تنسيقية وإحداث مجلس للتنسيقيات. كما تم تنظيم سلسلتين أوليين من الدورات التكوينية، الأولى همت التعريف بأهداف جبر الضرر الجماعي والثانية تمحورت حول التدبير الإيجابي للنزاعات والحكامة الجيدة والتمكين. ومن جهة أخرى تم تنظيم ورشات محلية لإعداد البرامج المحلية وانتقاء البرامج ذات الأولوية، لكي يعمل المجلس بعد ذلك على المرافعة عليها وضمان تمويلها.

وفي إطار الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وصندوق الإيداع والتدبير تم طلب عروض لانتقاء جمعيات محلية للشروع في تنفيذ مجموعة من المشاريع الأولية. ومن جهة أخرى يعتزم المجلس تنظيم ندوة دولية في بداية السنة، بشراكة مع المركز الدولي للعدالة الانتقالية، حول التجارب العالمية الرائدة في مجال جبر الضرر.

فيما يخص الكشف عن الحقيقة، الجديد هو أننا كنا أخضعنا 7 عينات من رفات منسوبة لبعض ضحايا الاختفاء القسري للتحليل الجيني. قبل أيام توصلنا بالنتائج وهي جازمة في أربع حالات وفي الحالات الأخرى محتاجة إلى المزيد من التحليل. بالنسبة للحالات الأولى، سوف تنجز قريبا المقارنات الضرورية مع الجينات العائلية، وتغلق الملفات بموافقة العائلات. أما بالنسبة للحالات الأخرى، سنفعل نفس الشيء بعد إجراء التحليلات الإضافية.

وبهذه المناسبة، نتقدم بشكر خاص لمختبري الدرك والشرطة اللذين قدما لنا خدماتهم بمهنية عالية وتفاني كبير.

حضرات السيدات والسادة

سوف أعود في آخر هذه الكلمة إلى بعض الأوراش التي فتحناها والتي تدخل ضمن نطاق تنفيذ توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة، دعوني الآن أنتقل وبسرعة كذلك إلى المشاريع الكبرى المهيكلة التي يباشرها المجلس مع شركائه. ويتعلق الأمر أولا بالخطة الوطنية لدعم حقوق الإنسان والديمقراطية. وكما تعلمون فإن هذا البرنامج الطموح قد أطلق رسميا وتحت رئاسة السيد الوزير الأول قبل شهرين، هذا الإطلاق الرسمي تلته لقاءات جهوية تركزت في أربع مواقع، مراكش وأكادير ومكناس وطنجة. ولكن حضرها ممثلون عن المجتمع المدني من كافة ربوع المملكة، وقد كانت أوراشا ناجحة للغاية، والمرحلة التي نستعد لها الآن هي مرحلة تنصيب لجنة الإشراف على هذا البرامج الطموح وسيتم ذلك، إنشاء الله، خلال شتنبر المقبل.

لتحضير تنصيب هيئة الإشراف تم الإتصال مع جميع الشركاء المحتملين في هذا الموضوع وكان استقبالهم للفكرة وترحيبهم بالمشاركة والانخراط في هذا المشروع، كان إجماعيا.

طرح مشكل فقط بالنسبة للمجتمع المدني، كيف يمثل المجتمع المدني وهو طبعا لابد أن يمثل في لجنة الإشراف. الذي اهتدينا إليه في هذا الموضوع وحفاظا على مبادئ الديمقراطية، وحفاظا كذلك على مبدإ استقلال المجتمع المدني، هو أننا دعونا جمعيات المجتمع المدني أن تشكل نسيجا يرافق ويواكب صياغة الخطة الوطنية لدعم حقوق الإنسان والديمقراطية.

ونفس الشيء فعلناه بالمناسبة فيما يخص البرنامج المهيكل الكبير الآخر، الذي هو تنفيذ الأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان. في كلتا الحالتين طلبنا من جمعيات المجتمع المدني أن تلتئم في نسيج لمواكبة هذين المشروعين، وهذا النسيج هو الذي سيعين من يمثل المجتمع المدني، وبأية طريقة، في لجنة الإشراف على الخطة الوطنية من جهة وعلى الأرضية المواطنة من جهة ثانية. وبالمناسبة فإننا بصدد تأسيس لجنة توجيه خاصة بمركز التوثيق والإعلام، ولجنة التوجيه هذه كذلك يجب أن يكون فيها ممثل عن المجتمع المدني، وقد طلبنا كذلك من جمعيات المجتمع المدني، بنفس الطريقة، تعيين من يمثلهم في لجنة توجيه مركز التوثيق والإعلام.

وبالمناسبة فلا بد من إضافة أن هذا الحرص على تمثيل المجتمع المدني، يستند احترام مبادئ العمل الديمقراطية واحترام مبدأ استقلال المجتمع المدني، هذه كلها أشياء حرصنا عليها وحرصنا كذلك، مادمنا نتحدث عن المجتمع المدني، أن ننظم يوما تواصليا خاصا بالمجتمع المدني، و الحقيقة أن تقبل المجتمع المدني لهذه العروض بصفة عامة كان إيجابيا جدا، لدرجة أنه خلال اليوم التواصلي كان النقاش كله منصبا على ما أسمته جمعيات المجتمع المدني نفسها بضرورة تنظيم التكامل مع المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وطبعا فإن هذا يلتقي مع همنا، ولذلك سوف نعمل في المستقبل على تنظيم هذا التكامل بشكل أوثق مما كان عليه الحال في السابق.

حضرات السيدات والسادة

شهدت المرحلة التي بين الدورتين أحداثا مختلفة وقعت في البلاد، ولعل أهم هذه الأحداث، من زاوية نظرنا، هي ما اصطلح عليه بأحداث إيفني، وقد كان لنا طبعا موقف وكانت لنا متابعة لهذه الأحداث، بحيث أنه فور سماعنا بوقوع هذه الأحداث شكل المجلس لجنة لتتبع الأخبار حول تلك الأحداث، كما أنه وقع استماع من طرف أعضاء من المجلس للسيد وزير الداخلية في الموضوع، واستمع كذلك إلى سكان من إيفني زارونا في هذا المجلس، كما استمع أيضا إلى أعضاء في المجموعة التي كانت تسمى بتنسيقية العمل في إيفني، وكل هذه الاستماعات والمتابعات سمحت لنا بأن نحقق تقدما ملموسا، في تكوين رأي حول تلك الأحداث، ونحن الآن بصدد إتمام تقرير في هذا الموضوع.

حضرات السيدات والسادة

إن الانتقال إلى الديمقراطية ليس حفلا راقصا قد يتعرض إلى كسرات من داخله كما يمكن أن يستهدفه النسف والتشويش من جهات مختلفة، وهكذا فقد تعرض المجلس فعلا في الآونة الأخيرة، ولكونه من أبرز حملة ورموز الانتقال الديمقراطي في هذا البلد، إلى بعض التشويش. كان ذلك من خلال جريدتين حديثتين حصلتا، بما أسميتاه «وسائلهما الخاصة»، على جزء من أرشيف هيئة الإنصاف والمصالحة وشرعتا في نشره، وأمام هذه النازلة، التي تعتبر اعتداء على المجلس، بصفته المؤتمن على أرشيف الهيئة، في انتظار أن تظهر للوجود المؤسسة الوطنية للأرشيف التي أوصت الهيئة بإنشائها، والتي صودق على القانون المؤسس لها السنة الماضية، فإننا حاولنا أولا ثني الصحيفة الأولى عن الاستمرار في النشر، بطرق حبية ولكنها أبت، فوجدنا أنفسنا مكرهين على مقاضاتها، ولكننا احترمنا المسطرة الأقرب إلى الحبي، ألا وهي المسطرة الاستعجالية التي طالبنا من خلالها فقط بالتوقف عن النشر، وبإرجاع الوثائق المختلسة، بدون الخوض في كيف اختلست ومن اختلسها. ومع ذلك فقد دأب البعض على اتهامنا بالاستقواء على الصحافة، وبالاعتداء على حرية الصحافة، ومحاولة حجب ملك عمومي عن المواطنين، وبهذه المناسبة، ونتمنى أن تكون الأخيرة، فإنه يهمنا أن ندلي بالتوضيحات التالية:

إننا لم نستقو على أحد إلا بالقضاء، الذي هو ملجأ الفقير والضعيف. والحمد لله أننا حتى لو حاولنا، فرضا، أن نستقوي بغير القضاء فإننا، يقينا، لم نكن لنجد أحدا يسايرنا، هذه من علامات الزمن الفارقة، وحبذا لو التقطها منتقدونا بدل تقديم أنفسهم كضحايا لاعتداء وهمي.

هذه المؤسسة أكثر من غيرها حامية لحرية الصحافة، وقد أعلنا مرارا أننا مع صحافة لا يقيدها إلا ميثاقها الأخلاقي الذي تضعه هي نفسها، ولا يمكن أن نتناقض مع هذا الإعلان المتكرر.

إن الأمر لا يتعلق إذن بحرية الصحافة وإنما يتعلق، فعلا، باستغلال ملك عام هو أرشيف الهيئة.

إن فهمنا للملك العام هو أنه ملك لا يمكن أن يخوصصه من شاء، ولا يمكن أن يعبث به من شاء كما يمكن أن يعبث، على الأقل بالنسبة للقانون الروحاني، بملك خاص. كما أن الولوج إلى ملك عام واستغلاله يجب، حتما، أن يخضعا لشروط ولمساطر محددة، وإذا كانت تلك الشروط والمساطير لم تحدد بعد فإن على الجميع أن يوقر الملك العام المعني، إلى أن تحدد، هذا كل ما قلناه ونكرره، ولكننا لا نكتفي بقوله وتكراره وإنما نعمل بدون كلل، مع شركائنا في الموضوع، على إظهار المؤسسة الوطنية للأرشيف مسلحة بكل عدتها القانونية للوجود في أقرب وقت ممكن.

وأخيرا لا بد من كلمة حول محتوى الجزء من أرشيف الهيأة الذي نشر بعضه، ينسب ذلك الجزء إلى «شهود كبار» وهم فعلا كبار بسمعتهم وبتجربتهم، ولكن ذلك لا يعني، وهم أنفسهم لا يمكنهم أن يدعوا ولا يدعون أن ما سجلوه يوما، في زمن معين وفي مكان معين، لدى الهيئة هو الحقيقة، الحقيقة التامة والنهائية. لا شك أن شهاداتهم ككل خطاب تشتمل على ذرات قليلة أو كثيرة من الحقيقة المتعلقة إن لم يكن بحال الدنيا، فعلى الأقل بذراتهم المتكلمة ولكن تلك الذرات هي ذرات وليس أكثر، والباحث عن الحقيقة التاريخية مثله مثل الباحث عن الذهب، يجب أن يكون مستعدا لمعالجة الأطنان من الأتربة قبل العثور على بضعة غرامات من المعدن. لذلك فالأجدر بالنسبة للأرشيف أن تحفظ للمؤرخين وغيرهم من المختصين، الذين يتوفرون على الوسائل والقدرات الضرورية للتنقيب عن مزيد من الشهادات، وللمقارنة بين الشهادات وغيرها من الوثائق ولتزويدنا في نهاية المطاف ببعض المعدن النافع.

حضرات السيدات والسادة

كيفما كانت التشريعات، وأيا كانت مصادرها، فإن المجلس، رئيسا وأمينا عاما وأعضاء وأطرا ومستخدمين، وطالما أنه يتمتع بالثقة الغالية لصاحب الجلالة نصره الله، سيظل كما أراد له جلالته، في طليعة المؤسسات التي يعول عليها الشعب المغربي لترسيخ حقوق الإنسان والديمقراطية في جميع أبعادها، المؤسساتية، السياسية طبعا، ولكن الإجتماعية أيضا. خاصة كل ما يتعلق بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والبيئية، وكل ما يتعلق بالحوار الاجتماعي الصادق، الذي لا يقصي أيا من الفئات الإجتماعية، خاصة الفقيرة. وإذا كنا غير جاهزين بعد، رغم أننا نستعد بجد، لمباشرة النوع الثقافي من الإشكاليات، فإننا فيما يخص النوع الأول، قد أطلقنا العديد من الأوراش: ورش حول استقلال القضاء، ورش ثاني حول الحكامة الأمنية، ثالث حول الصحافة، رابع حول ضوابط الاحتجاج والتعامل معه، وإلى غير ذلك من الأوراش. وإذا كان تقدم العمل يختلف من ورش إلى آخر، إلا أننا عازمون، إن شاء الله، أن ننتهي من جل هذه الأوراش قبل انتهاء السنة الجارية، وطبعا بعد أن تكون هذه الأوراش قد مرت من اختبار النقاش العمومي الرصين والهادف. وفي الحقيقة فإن هناك ورشا آخر نخوض فيه، لا يقل بل ربما يزيد أهمية عن الأوراش الأخرى، ألا وهو ورش بلورة ميثاق للمواطنة، الذي كان صاحب الجلالة قد كلف به المجلس سنة 2003، والذي للأسف لم يكن ممكنا الانخراط فيه من قبل.
وإذا حالفتنا الظروف وأتممنا كل هذه الأوراش، كما نحن عازمون قبل انتهاء سنة 2008، فإننا بذلك سنكون، على الأقل فيما يخصنا، قد انتهينا من مرحلة تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وأهلنا نفسنا للانتقال إلى مرحلة أخرى، مرحلة التركيز على الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والبيئية لكافة المغاربة، واحتفينا، خير احتفاء ممكن، بالذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

حضرات السيدات والسادة

بالنسبة للإصلاحات التي نقوم بها داخليا لتحسين أداء المجلس، نشير إلى أن انعقاد هذه الدورة يأتي بعد موافقة صاحب الجلالة، حفظه الله ،على التعديلات على القانون الداخلي، المعتمدة خلال الدورة الماضية من طرفكم، حيث تم الشروع في تفعيل مقتضياته، ومن هذا المنطلق سوف تتم مواصلة إحداث مكاتب إدارية جهوية طبقا للمادة 35 منه، لتنضاف إلى المكتبين الموجودين حاليا في كل من أكادير والعيون، وذلك لتحقيق الأهداف التي من أجلها تم إحداث هذه الهياكل، لاسيما من حيث الالتزام بانتهاج سياسة القرب في مجالات حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، ومواكبة برامج المجلس من منطلق المقاربة التشاركية.

كما تم إعداد قانون داخلي لمركز التوثيق والإعلام والتكوين في مجال حقوق الإنسان، وذلك تطبيقا لمقتضيات المادة 35 من النظام الداخلي للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، ودعما للدور المنوط بالمجلس للإسهام في نشر ثقافة حقوق الإنسان وترسيخها بكل الوسائل الملائمة، وتأكيدا للأهمية البالغة للتكوين والتوثيق والإعلام والدراسات والأبحاث في تأصيل ثقافة حقوق الإنسان وتوطيد القيم الديمقراطية، وذلك لتمكين المركز من الاشتغال بالوثيرة الضرورية لإنجاز ما تم تكليفه به، لاسيما وقد أنيط به تتبع تنفيذ الورشين الكبيرين المتمثلين في الأرضية المواطنة والخطة الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان. وقد روعيت في هذا القانون الداخلي مقتضيات اتفاقية إحداث المركز، المبرمة بين حكومة المملكة المغربية وكل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وكذا مستلزمات التدبير الجيد والمحكم للمهام المنوطة بالمركز، وتم الحرص على تزويده بالآليات الضرورية لذلك مثل لجنة للتوجيه ولجنة علمية ولجنة للتدبير، فضلا عن الهيكلة الإدارية المناسبة.

أما على المستوى التدبيري، الذي تتولاه إدارة المجلس، فيتم حاليا إعداد نظام معلومياتي للإدارة، من خلال تكليف مكتب مختص، يشتغل منذ أسابيع في اتصال وثيق مع مختلف الهياكل الإدارية وأطر المجلس، لتزويد المؤسسة بآلية اشتغال تدعم قدراتها التنظيمية والتدبيرية، وتساهم في عصرنتها لمواكبة اتساع المهام الموكولة للمجلس، حتى يكون في مستوى المهام الملقاة عليه والانتظارات الناتجة عن ذلك.

وعلى مستوى التواصل والتعريف بأعماله وأوراشه حرص المجلس، في مناسبات عديدة، على عقد لقاءات تواصلية. وهكذا ومن أجل تعزيز التواصل الداخلي عقد لقاء تواصلي بين الأعضاء والطاقم الإداري، خارج مقر المجلس، لتدارس حصيلة عمل مؤسستنا في إطار اتسم بنوع من التقييم الداخلي لأداء المجلس، كما واصلت لجنة التنسيق عقد اجتماعاتها المنتظمة لتتبع مختلف الأنشطة والأوراش.

وعلى مستوى التواصل المؤسساتي شرع المجلس في إعداد ملف صحفي يومي عما تكتبه الصحافة حول حقوق الإنسان، وتعميمه على السيدات والسادة الأعضاء عبر البريد الإلكتروني، وهي وسيلة، ضمن أخرى، لتأسيس وترسيخ متابعة منتظمة لما ينشر في الصحف الوطنية حول حقوق الإنسان في مفهومها الشمولي، ومن مختلف زوايا اختصاص المجلس ومجالات تدخله، كما يجري إعداد الترتيبات النهائية لإنجاز نشرة تواصلية إلكترونية، سيصدر العدد الأول منها في بداية الشهر المقبل.

أما على الصعيد الخارجي ، فتجدر الإشارة إلى عدد من أنشطة المجلس:

مساهمة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في مواكبة إعداد الحكومة للتقرير الوطني الأول، في إطار الاستعراض الدوري الشامل والمساعدة في تحضيره وتقديمه وعرضه، بمناسبة انعقاد الدورة الخاصة بهذا الفحص بجنيف، من خلال حرص المجلس على اعتماد منهجية تشاركية وتشاورية مع القطاعات الحكومية المعنية، ومتابعة التوصيات الصادرة في الموضوع وكذا تقرير الفريق الثلاثي الذي فحص تقرير المغرب؛

متابعة التنسيق مع الحكومة والمؤسسات الوطنية و المجتمع المدني في الإعداد والمشاركة في المجلس الدولي لحقوق الإنسان؛

اللقاءات مع المؤسسات المماثلة من قبيل اللقاء الرابع للمؤسسات الوطنية العربية، واللقاء الثالث للحوار العربي الأوربي للمؤسسات الوطنية حول الهجرة وحقوق الإنسان؛

زيارات لبعض المؤسسات المماثلة عبر العالم ومنها بصفة خاصة مؤسسات البلدان الاسكندينافية؛

استقبال وفود أجنبية على مستويات وزارية وحكومية وغير حكومية ومنظمات تزور بلادنا بين الفينة والأخرى لتعميق أواصر التعاون وتبادل التجارب والخبرات وكذا للتعريف بدور المجلس في مختلف مجالات حقوق الإنسان، ومن هذا المنطلق يمكن أن نذكر باستقبال وفد عن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بموريتانيا برئاسة رئيس اللجنة، كما استقبلنا، في بداية هذا الأسبوع ، وفدا من نفس المؤسسة برئاسة الأمين العام للاطلاع على جوانب التدبير الإداري والمالي، والذي نرحب به مجددا في الشوط الافتتاحي لهذه الدورة.

كان هذا، حضرات السيدات والسادة، تذكير مركز وموجز بما استطعنا إنجازه جميعا بتظافر متناسق للجهود وبما نعمل سوية على إنجازه في الأمد القريب.

وفقا الله لما فيه خير هذا الوطن وازدهار حقوق الإنسان في مختلف ربوعه، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

رئيس المجلس

أحمد حرزني

أعلى الصفحة